هناك القليل من المدن السياحية العالمية التي يمكن التوجه اليها لقضاء أنواع مختلفة من العطلات سواء القصيرة أو الطويلة التي تناسب جميع طبقات المجتمع، ولكن الاسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط وأول عاصمة للسياحة العربية لعام 2010، تم اختيارها من ضمن 12 مدينة عربية تستطيع توفير كل ذلك.
ومن المعروف أن المدينة التي تعد ثاني أكبر مدينة في مصر بعد القاهرة ويزورها أكثر من 3 ملايين سائح سنويا أخذت هذا الاسم من مؤسسها القائدالمقدوني الاسكندر الأكبر، وكانت قرية تسمى قرية راقودة وكانت قرية للصيادين آنذاك، وتم تشييدها على نمط المدن اليونانية.
وظلت المدينة قرابة ألف عام أي منذ انشائها حتى الفتح العربي عاصمة لمصر وحين اتخذ من الفسطاط عاصمة بقي للاسكندرية دورها الحضاري.
وتشهد المدينة حاليا تنفيذ مجموعة من المشروعات السياحية لزيادة الطاقة الاستيعابية للغرف الفندقية، وذلك تمهيدا للوصول الى مصاف المدن العالمية والعمل على استغلال جميع المقومات السياحية والموقع المتميز والمناخ المعتدل طوال العام لجذب ومضاعفة أعداد السياح القادمين للاسكندرية خلال العام، بالاضافة الى التطوير المستمر الذي شهدته في البنية التحتية.
وهناك أربعة طرق للسفر الى هناك، وذلك عن طريق الطرق البرية مثل طريق القاهرة الاسكندرية الذي لا يستغرق أكثر من ساعتين، وطريق القاهرة الاسكندرية الزراعي، والسكك الحديدية التي تربطها مع كل محافظات مصر، وترتبط كذلك بخطوط سريعة وفاخرة مع القاهرة كل ساعة وخطوط جوية دولية وداخلية وخطوط ملاحة بحرية.
قد يكون الكثير منا زارها كمنتجع سياحي للاستجمام على شواطئها التي تمتد حوالي ثلاثين كيلو متراً في مختلف أوقات السنة وحدائقها الجميلة وأبرزها حديقة النزهة وحديقة أنطونياس وحدائق قصر المنتزه وحديقة الشلالات والحديقة الدولية والغابة الترفيهية.
واكتسبت الاسكندرية شهرتها قديما من جامعتها ومجمعها العلمي «الموسيون» ومكتبتها التي تعد أول معهد أبحاث بشكله المعروف الآن في التاريخ، حيث كانت قبلة للعلماء والباحثين من مختلف دول العالم مما جعلها مدينة تجمع جميع العرقيات والأديان في انسجام وتناغم لا يصدقهما الكثيرون.
ومن أشهر العلماء الذين عاشوا في الاسكندرية قديما اقليدس عالم الهندسة الذي تخرج على يديه أعظم الرياضيين مثل أرشميدس وأبولونيوس، ومن أبنائها أيضا بهيروفيلوس في عالم الطب والتشريح وايراسيستراتوس عالم الجراحة واريستاخوس عالم الفلك أول من اكتشف بأن الأرض تدور حول الشمس، وذلك قبل 1800 عام من اكتشاف كوبرنيكوس لهذه الحقيقة.
وايراتوستنيس عالم الجغرافيا وهو أول من أثبت أن الأرض كروية وحسب محيط الكرة الأرضية بدقة مذهلة، كما تحدث عن امكانية الابحار حول العالم، وذلك قبل 1700 عام من قيام كولومبوس برحلته الشهيرة التي اكتشف فيها أميركا.
وثيوفراستوس عالم النبات وكليماخوس وثيوكريتوس المبدعان في الشعر والأدب بالاضافة الى العديد من الفلاسفة أمثال فيلون وأفلوطين وزينودوتيس الذي وضع مع علماء اللغة أُسس علوم الأدب مع تحرير ونقد دقيق للكلاسيكيات وعلى وجه الخصوص إلياذة هوميروس الشهيرة، والأوديسا.
كما كانت في العصر المسيحي العاصمة الروحية للعالم المسيحي ومعقل لكبار مفكري الديانة، وذاعت شهرة كبار أساتذتها في اللاهوت ومنهم كليمنس وأوريجينيس.
وفي العصر الإسلامي احتلت الإسكندرية مكانة مرموقة أيضا وكانت نقطة للوصل بين الشرق والغرب، واشتهرت بعمرانها الإسلامي وظهرت أوجه التميز في تصاميم المساجد والفنادق والأسوار والأبراج والحصون.
كما اشتهرت أيضا آنذاك بكونها مقصدا للمترجمين العرب الذين وفدوا لتعلم اللغة اليونانية في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وهكذا على مر العصور استطاعت أن تكون ملتقى للعديد من الحضارات، وكان مسكنا للعديد من الجاليات الأجنبية التي امتزجت بسهولة بين أهل المدينة، والذين كان لهم دور أيضا في تطوير وتنمية المدينة.
ومن أهم المعالم الأثرية بالإسكندرية التي تشتهر بها:
مكتبة الإسكندرية
كان بطليموس الأول الذي حكم (323 ـ 283 ق.م) يحلم بأن تكون الإسكندرية منارة للعلم، وأسس هذه المكتبة ومكتبة أخرى صغيرة بجانبها، ارتحل إليها أهم العلماء والمؤرخون آنذاك.
وتم إعادة إحياء هذه المكتبة على مساحة 40 ألف متر مربع بمبادرة من منظمة اليونسكو ليعيد للذاكرة أمجاد ماض عريق كانت فيه لمصر من خلال مدينتها الساحلية رائدة ثقافيا، وتضم المكتبة الآن حوالي عشرة مليارات صفحة وتستقبل ما يزيد على مليون زائر سنويا.
وتوجد بالمكتبة أربعة متاحف للآثار وللمخطوطات وللسادات ولتاريخ العلوم، بالإضافة إلى 15 معرضا دائما من أهمها الإسكندرية عبر العصور (مجموعة محمد عوض) وعالم شادي عبدالسلام المخرج المصري العالمي الشهير، وروائع الخط العربي وتاريخ الطباعة، والآلات الفلكية والعلمية عند العرب في القرون الوسطى (فرسان السماء).
والشكل المعماري المتميز للمكتبة على هيئة دائرة غير مكتملة مائلة في مواجهة البحر توحي بأنها شمس المعرفة دائمة الإشراق.
ويمكن الاطلاع على أهم مخطوطات المكتبة من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بها: http://www.bibalex.org/aboutus/overview_ar.aspx
قلعة قايتباي
بنى هذه القلعة السلطان الأشراف أبوالنصر قايتباي في سنة 882هـ لصد الهجوم الخارجي عن الإسكندرية، وتم بناؤها لتحل محل منارة الإسكندرية، إحدى عجائب الدنيا السبع.
وتتميز القلعة بأسوارها الخارجية والداخلية، والبرج الرئيسي لها مكون من 3 طوابق، السفلي منها يحتوي على مسجد مكون من أربعة أركان للمذاهب الأربعة الإسلامية.
متحف المجوهرات
يطلق عليه «قصر المجوهرات» نظراً لوجوده في المبنى الذي كان قصراً للأميرة فاطمة الزهراء إحدى بنات الأسرة العلوية المالكة بمصر ومحمد علي باشا هو جدها الخامس ويقع في منطقة جليم وهي إحدى أرقى مناطق الإسكندرية.
وبني هذا القصر في عام 1919 وكان يستخدم للإقامة الصيفية حتى قيام ثورة يوليو 1952.
ويضم المتحف مجموعة من أروع المجوهرات الملكية وأجملها التي كان يرتديها أفراد الأسرة المالكة في مصر ومنها مجوهرات الملك فؤاد والملك فاروق وزوجاته لذلك فهو يُعرف باسم متحف المجوهرات الملكية ويضم المتحف 11 ألفاً و500 قطعة.
الآثار الرومانية
من أشهر الآثار الرومانية في الإسكندرية عمود السواري الذي أقيم تمجيداً للإمبراطور الروماني دقلديانوس وهو أعلى نصب تذكاري في العالم والمسرح الروماني الذي يتكون من 12 مدرجاً من الحجر الجيري على شكل نصف دائرة، ويضم حمامات رومانية وهو المسرح الروماني الوحيد في مصر، وقد تم إنشاؤه في بداية القرن الرابع الميلادي.
بالإضافة إلى المتحف اليوناني الروماني ومجموعة آثار البرديسي في شارع يحمل اسمها، ومعبد الرأس السوداء الذي شيده الفارس الروماني إيرادور من أجل الإلهة إيزيس، ويرجع تاريخ هذا المعبد إلى القرن الثاني الميلادي.
ومقابر كوم الشقافة التي تتكون من دهاليز تؤدي إلي المقابر الرومانية اليونانية ويعود تاريخها إلى القرنين الأولين من الميلاد وتحتوي على قاعات عدة استخدمت للمراسم الجنائزية.
قصر رأس التين
بني في عام 1834، ويعتبر من أقدم القصور الموجودة في مصر، وتعود الأهمية التاريخية لهذا القصر إلى أنه عاصر أسرة محمد علي في مصر التي استمر حكمها نحو مائة وخمسين عاماً، وهو القصر نفسه الذي شهد خلع الملك السابق فاروق ورحيله منه على ظهر اليخت الملكي «المحروسة» من ميناء رأس التين.
يعتبر قسطنطين كفافيس شاعر اليونان الكبير أحد أشهر شعراء العصر الحديث، ولد الشاعر كوستيس بتروس فوتياديس كفافيس، الذي اشتهر باسم كفافيس، في أحد منازل شارع شريف بالإسكندرية في أبريل عام 1863.
وينفرد متحفه بعرض قاعة خاصة للآثار الغارقة التي بهرت علماء الآثار في العالم، ويضم تمثالا رخاميا نصفيا له، ومجموعة من كتبه وأول طبعة من ديوانه الشعري، وبه بعض الكتابات بخط يده، ويقع في شارع شرم الشيخ خلف مسرح سيد درويش بمحطة الرمل.
الأماكن الدينية
من أهم الأماكن الاثرية الدينية في المدينة مسجد المرسي أبو العباس، ويقع في منطقة الأنفوشي، وشيد في الأربعينات في القرن الماضي، وشيده مهندس ايطالي، وهناك مسجد العطارين الذي اكتسب اسمه نظرا لقربه من سوق العطارين، ويعرف باسم مسجد الألف عمود، وبني في القرن الرابع عشر، بالاضافة الى مسجد البوصيري الذي تأسس في عهد محمد سعيد باشا عام 1854، ويتميز بوجود افريز رخامي مزخرف نقشت عليه قصيدة نهج البرده في مدح الرسول، ويضم ضريح الامام البوصيري.
وتمثل كلية وكنيسة سان مارك روعة فنية، حيث أسسها الأخوان لاسالين لتكون المدرسة الكاثوليكية الرومانية في عام 1928، اضافة الى معبد الياهو هانابي اليهودي الذي ما زال مفتوحا حتى الآن، ويقع في شارع النبي دانيال. ولهواة المشي والتجول في المدينة تعد الجولة على امتداد الكورنيش من أجمل الجولات التي تتمتع بالمناظر الأروع على مدن البحر المتوسط، وشارعي الحرية والنبي دانيال. ولا يمكن لزائر للمدينة أن لا يفوت فرصة تناول أطعمتها البحرية التي تشتهر بها، ومن أفضل هذه المطاعم مطعم ذي فيش ماركت على الكورنيش، وزيفرون في منطقة أبو قير، وقدورة في أقصى الطريق السريع بحدائق المنتزه، وأبو أشرف في منطقة بحري