تعد مدينة اسطنبول من النماذج الحضارية المدهشة التي تقدم طابعًا معماريًا فريدًا و تاريخيًا يتسم بالتنوع بسبب كم الحضارات الهائلة التي مرت عليها لذلك تجدها تتنوع من حيث الأبنية و المعالم الحضارية بجانب الطبيعية الخلابة و إطلالاتها على البوسفور والبحر الأسود وبحر مرمرة هي المدينة العالمية الوحيدة التي تقع بين قارتين لذلك فلاسطنبول سحر خاص ليس هذا فحسب تتنوع معالمها السياحية العثمانية فهي البلد الوحيد التي تضم هذا الثراء العثماني الهائل من مساجد و حمامات و أضرحة واسبلة و مكتبات و كليات علمية ومدارس و كتاتيب واليوم سوف نلقي نظرة على أهم الكليات العثمانية هي كلية النور مثال فريد ومتميز للمعمار العثماني الكلاسيكي ..

تسمى الكلية ، كلية النورو أوسمانية بالترجمة العربية لها أي النور العثمانية في منطقة جاملي تاش من مناطق اسطنبول التراثية في مدخل السوق المسقوف أشهر أسواق تركيا على الإطلاق تم إنشاء تلك الكلية لتكون منارة لنقل العلوم في عهد السلطان العثماني محمود الأول في الأعوام ما بين عام 1749 في القرن الثامن عشر الميلادي و لكن الكلية تم أكمالها بعد وفاته بعام في عهد السلطان العثماني عثمان الثالث الذي امتدت فترة حكمة ما بين 1754-1757..



عرفت المدرسة بأنها كانت قلعة علمية يتوافد إليها كافة طلاب العلم من جميع الأمصار العثمانية كما ايضا عرفت بشكلها و طرازها المعماري الفريد تم إنشاءها على يد معماري تركي يسمى سنان هو غير معمار سنان الذي عاش في القرنين أواخر القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، اعتمد المدرسة أو الكلية في بناءها على أسلوب مميز من أساليب العمارة التقليدية هو الأسلوب القبعي نوع من الأساليب التي تميزت بها الدولة الأموية في بداية العهد الإسلامي و استمر في التطور مع الزمن حتى تطوره الدولة العثمانية بشكل فريد .



كانت تتكون الكلية من مسجد هو أساس أي مدرسة أو جامعة ومدرسة و مكتبة و مطعم كان لا يقدم الأطعمة لطلاب العلم المتواجدين داخل الكلية فقط بل امتد ليقدم الطلاب للفقراء و المحتاجين بالإضافة إلى وجود سبيل ماء ومجموعة من الدكاكين ، يتكون البناء من جناحين رئيسيين يتوسطهم قبة عالية يحملها أربعة أعمدة تنفتح على الرواق و القبة يدعمها من الجناحين نصف قبة و يغطي الأروقة مجموعة من القناطر المزخرفة والمزينة أما المكتبة فهي على نسق معماري فريد كلاسيكي الطابع يوجد طاولات خشبية من خشب الزان وكراسي من الزان العريق لها طابع عثماني في التصميم تحتوي المكتبة وحدها على 30 نافذة وذلك لسهولة دخول الضوء و الشمس إليها لتساعد الطلاب على القراءة في يسر تم تصميم النوافذ بشكل متفرد يوجد تحت البناء القبو الخاص بالتخزين ، بشكل عام تتميز المكتبة بالتصميم المعقد يمكن الوصول من المكتبة إلى الفناء الخارجي عبر السلم تم إنشاء القبو لحماية المكتبة من الرطوبة و المحافظة على الكتب بداخلها.



الطابق العلوي تم تخصيصه للمطبعة فقد كانت الكلية تضم مطبعة خاصة بها حتى لا يتأخر طلاب العلم عن الدراسة و التحصيل مكتوب على باب المكتبة باللغة العربية أطلب العلم من المهد إلى اللحد، كانت تدرس المدرسة العلوم الإسلامية من فقه وشريعة وتجويد وقرآن و طب وفلسفة وفلك وتاريخ وغيرها من العلوم والمعارف الإنسانية ..تحتوي مكتبة الكلية على كتب لسلاطين محمود الأول و عثمان الثالث و نحو 79 مخطوطة لبيرام باشا وعدد من الكتب القيمة والكتب النادرة ما زالت تقدم خدماتها للباحثين و طلاب العلم إلى اليوم و تعمل بتصنيف أو بنظام ديوي اونلو العالمي لتصنيف الكتب.لو كنت من محبي الكتب و العلم لا يفوتك زيارة مكتبة كلية النور أما لو كنت من محبي المعمار العثماني لا يفوتك ايضا النظر على تلك التحفة المعمارية التي تنتمي للعهد العثماني المتأخر ..