عسير .. مثالية لمحبي التراث الثقافي والبيئي وللطيران الشراعي

تتيح أعلى قمة في المملكة العربية السعودية مشاهد فاتنة ومناخا معتدلا بعيدا عن حر الصحراء القائظ الذي يغلب على معظم مناطق المملكة، ولكن لا يوجد اي سياح تقريبا لرؤيتها.
ويهبط طريق ضيق في الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 2700 متر الى قرية رجال ألمع الخلابة المشهورة بمبانيها العالية التي يرجع تاريخها الى 300 عام. وينقل تيليفريك الزوار الى اعلى لمطاعم في الهواء الطلق.
ويمكن للسعودية ان تكون جنة للسياح الذين يبحثون عن التراث الثقافي او الرياضة او ذوي الميول البيئية بجبالها ومعالمها التاريخية والاماكن التي يمكن ممارسة رياضة الغطس فيها في البحر الاحمر.
والى الشمال من البلدة توجد بلدة الانباط القديمة عاصمة مدائن صالح واطلال سكك حديد الحجاز الشهيرة التي ربطت المشرق العربي بالمدينة المنورة، والذي دمر في الحرب العالمية الاولى.
وسعى الملك عبدالله الى انفتاح المملكة المحافظة المصدرة للنفط، وتشجيع السياحة والاستثمار الاجنبي لتقليل الاعتماد على النفط لا سيما في المناطق الاكثر فقرا في جنوب البلاد.
وفي قرية رجال ألمع الجنوبية يبيع رجل اجنبي تذاكر المتحف المحلي للتراث الشعبي.
وقال خالد الاحميري وهو سعودي يعيش في الجبيل على ساحل الخليج «كنت هنا قبل 15 عاما وعدت لاريها لزوجتي. انني احب رجال ألمع والمنطقة».
ويعد الحصول على تأشيرة لزيارة السعودية تحديا كبيرا، حيث لا يسمح الا لعدد قليل من شركات السياحة بالحصول على تأشيرات للمجموعات في رحلات سياحية موجهة.
ونظرا إلى غياب السياح تعتمد صناعة السياحة في المملكة على السعوديين والعرب من دول الخليج الاخرى الذين لا يحتاجون للحصول على تأشيرات، ويحبون الهروب من حر الصحراء في جبال منطقة عسير.
ونتيجة لهذا، يغلق كثير من الفنادق والمنشآت في عسير أبوابها عندما ينتهي فصل الصيف، والتجهيزات غالبا مصممة لتناسب التقاليد السعودية في الحفاظ على الخصوصية، فلا توجد مطاعم وإنما شقق كبيرة مجهزة بمطابخ كي يتسنى للأسرة أن تعد طعامها.
وحتى لو كانت هناك مطاعم فلا يمكن لأحد أن يصطحب شريكا من الجنس الآخر لتناول العشاء إلا إذا كانا متزوجين، حيث تفرض المملكة فصلا صارما بين الجنسين، ونادرا ما تحصل المرأة غير المتزوجة على تأشيرة للمملكة.
ورغم ندرة السياح تستضيف السعودية كل عام ملايين الحجاج الذين لا يسمح لهم الا بزيارة مكة والمدينة لاقامة شعائر الحج.
وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي في الرياض ان السلطات السعودية يجب ان تعيد النظر في مسألة السماح للحجاج بزيارة اماكن اخرى في المملكة.
وقال عبدالله ابراهيم المدير الاقليمي للمجلس الاعلى للسياحة في مدينة ابها عاصمة عسير ان السلطات السعودية تخطط ايضا لجذب السياح للمهرجانات الصيفية في ارجاء المملكة التي تعرض الفنون الشعبية البدوية، مثل رقصة السيوف التي تقتصر على الرجال.
وقال ابراهيم ان المهرجان الصيفي من نقاط الجذب الرئيسية في عسير ويحضره ما يتراوح بين مليون ومليوني زائر، لكن رجال الدين يعرقلون مثل هذه الخطط حيث ألغوا حفلات موسيقية في مهرجان الصيف في منطقة عسير ومنعوا انعقاد اول مهرجان للسينما في جدة هذا العام.
وازدهار السياحة التي ساهمت بنسبة 6.9 في المائة في الناتج المحلي الاجمالي من غير النفط عنصر رئيسي في الخطط التي تستهدف تقليل الاعتماد على النفط ولتوفير وظائف لحوالي 18 مليون سعودي غالبيتهم شبان.
وهي مهمة بشكل خاص بالنسبة لمنطقتي عسير وجازان الجنوبيتين، حيث لا توفر الصناعات القليلة هناك فرص عمل للخريجين.
وتقع المنطقتان على الحدود مع اليمن الذي يعاني انعدام الاستقرار، وتخشى الحكومة السعودية شن هجمات على السياح في المملكة.
وقال سفاكياناكيس «منطقتا جازان وعسير منطقتان مهمتان تواجهان تحدي قلة فرص العمل فيهما عن معظم بقية المناطق.. والتنمية الاقتصادية الاقليمية قضية مهمة تتطلب جهودا اضافية».
واضاف ان عدد الباحثين عن عمل في عسير ارتفع الى 22.600 شخص في عام 2008 من 10.300 في عام 2006 بينما شهدت منطقة جازان في اقصى جنوب المملكة ارتفاع عدد الباحثين عن العمل الى 5700 في عام 2008 من حوالي 4000 في عام 2006.
وقال عبدالكريم الحنيني وكيل امارة منطقة عسير ان السياحة مصدر رئيسي للدخل في عسير، لأنه لا توجد انشطة اخرى يمكن ان تعتمد عليها المنطقة.

جبل السودا (السعودية) ــــ رويترز ــ